الجودة والبيئة المدرسية - بقلم عمر الراعي
.
- بقلم صاحب المركز الثاني /عمر الراعي
الجودة .. مصطلح نسمع به كثيرا من حولنا ، يتردد صداه في وسائل الإعلام ، والمحاضرات ، واللقاءات ، والمجالس وغيرها ... بيد أن للجودة مبادئ واضحة ، وأسسا راسخة ، ونظريات ثابتة أصبحت تدرس في العلم الحديث ، ويفترض أن تدرس تلك المبادئ في مدارسنا ، حيث أننا في زمن الانفجار المعرفي ، والسراع الفكري .. زمن البقاء فيه للأجود والأفضل .
وأراهن على أن الكثير من الناس لم يلموا بالمعنى الحقيقي للجودة ولم يحيطوا علما بمكنوناته وخوافيه ، إذ أن للجودة معان عميقة الفهم بعيدة الغور قلة من الناس من يتقن فهمها ويبرع في تنفيذها ..
- فعلى سبيل المثال لا الحصر -: تجد كا من هب ودب من الصناع أو التجار يدعي لنفسه الجودة ، ويروج لمنتجاته على أنها أيقونة زمانها ، فريدة عصرها ، مسبغا عليها ظلالا وارفة من الألقاب الحميدة والمعاني الجمالية المنوطة بالجودة ، ثم سرعان ما تصدم بمدى رداءة المنتج وضعف مردوده ...
وكما أن للجودة قواعد ونظريات أساسية فإن لها أقساما وتفرعات كثيرة في شتى المجالات وأنواعها ، وفي هذه المقالة سأتحدث عن أحد أنواع الجودة ألا وهي : (( الجودة وأثرها على تطوير البيئة المدرسية ))
كلما جال خاطر الجودة في نفسي تذكرت قول الرسول -صلى الله عليه وسلم- : ( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه ) حيث أن هذا الحديث يدل دلالة قاطعة على أن إتقان العمل وإجادته ليس مقتصرا على نوع واحد من الأعمال ، إنما الإتقان يشمل كل أمر يهم المسلم القيام به وأدائه سواء كان على الصعيد المهني أو التعليمي أو غيرها من اﻷصعدة ..
واليوم حاجتنا إلى تطبيق مبادئ " الجودة الشاملة " في صميم العملية التعليمية ضرورية جدا كحاجة القمر إلى الشمس والجسم إلى الروح ، وذلك كي نستجيش مافي نفوس الطلاب من مكنونات مذخورة وطاقات كامنة ، ولكي نزرع في نفوسهم روح الابداع .. فالمدرسة هي الشرارة الأولى التي تنقدح منها شعلة النجاح في هذه الحياة...
لننتقل اﻵن إلى الجانب العلمي من موضوع الجودة ، حيث أن للجودة عدة تعاريف يتم استقاؤها وفق المجال المناسب والملائم لطبيعة العمل . من منظوري الشخصي أعرف الجودة - بشكل عام - على أنها : محاولة الوصول إلى أعلى درجات الكمال في عمل الأشياء وتنفيذها .
ولو قمنا بإعادة صياغة التعريف بشكل يتلاءم مع محتوى المقال لاستنتجنا أن الجودة هي : التطوير الدائمو التحسين المستمر للبيئة المدرسية بما يساعد الطلاب في تحقيق أعلى نسبة من الكفاءة التعليمية .
فالاحصائيات تشير وبشكل واضح إلى أن المنظمات التي تطبق مبادئ " الجودة الشاملة " تكون ذا فاعلية أكبر من تلك التي لا تطبقها . ومن هنا يتجلى أثر الجودة بشكل عام واضح في على أداء الطلاب داخل المنظومة الدراسية ، حيث أن العلاقة طردية بين البيئة الدراسية ومدى جاذبيتها ، ويبين مستوى الطلاب الدراسي وتحصيلهم العلمي ، فكلما تم رفع معيار الجودة انعكس ذلك ايجابا على مستوى الطلبة وعطائهم العلمي ...
ولئن أردنا تطبيق " الجودة الشاملة " على منظمة أو مؤسسة معينة فلا بد من الالتزام بالمبادئ الرئيسية للجودة أولا ومن يتم تحديد القواعد والأسس التي تخص المنظمة وتتماشى مع منظورها ورؤيتها .. كل حسب اختصاصه وفكره ورؤيته ...
¤ بعض مبادئ الأساسية في الجودة الشاملة :
18. التركيز على المستفيد : وهذا يعني كيف تجعل من عملك جودة تحقق رغبات المستفيد منك
2. التركيز على العمليات : وتعني السيطرة على عملية الأداء
3. القيادة والإدارة : إذ لا توجد مؤسسة ناجحة بدون قائد ناجح
4. التحسين والتطوير الشامل والمستمر
5. الوقاية : تطبق مبدأ الوقاية خير من العلاج
6. الادارة بالحقائق
¤بعض الفوائد المرجوة عادة من تطبيق الجودة الشاملة في البيئة التعليمية :
1. ضبط وتطوير النظام الإداري في المدرسة نتيجة وضوح الأدوار وتحديد المسؤوليات
2. الارتقاء بمستوى الطلاب في جميع الجوانب الجسمية والعقلية والاجتماعية والروحية والنفسية
3. ضبط شكاوى الطلاب وأولياء أمورهم ، والإقلال منها ووضع الحلول المناسبة لها
4. زيادة الكفاءة التعليمية ورفع مستوى الأداء لجميع الإداريين والمعلمين والعاملين بالمدرسة
5. توفير جو من التفاهم والتعاون والعلاقات الإنسانية السليمة بين جميع العاملين في المدرسة
6. تمكين إدارة المدرسة من تحليل المشكلات بالطرق العلمية الصحيحة والتعامل معها من خلال الإجراءات التصحيحية لمنع وقوعها مستقبلا
خاتمة .. إن النفس البشرية ومنذ الأزل لمكونة ومصممة على الميل نحو الأفضل والأجود في الأمور كلها .. والجودة لاتقتصر على الأعمال التجارية فحسب ، إنما تشمل الأخلاق والتعليم والتعامل وغيرها ، ونحن في هذا الزمان يجب أن تكون الجودة تجربة حية في كياننا تنغمس في كل ذرة من ذراتها .. يطبقها الكبير والصغير ، والمعلم والتلميذ ، والمدارس والجامعات ، والمنشآت والمنظمات .
ولتحويل نظرية "الجودة الشاملة" إلى واقع ملموس في منظمة ما ، يجب ألا تبقى مجرد نظرية مجردة دون تطبيق عملي ، ولذلك وفور إستيعاب مفهوم "الجودة الشاملة " يجب أن تصبح جزءا من النظام ، وأساسا في عملية الإدارة التنفيذية من قمة الهرم الاداري إلى قاعدته ، وهي عميلة طويلة الأجل تتكون من عدة مراحل متتابعة لتصبح مألوفة في المنظمة يتم تطبيقها باستمرار .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق